غير مصنف

أهداف إسرائيل من سيناريو تهجير الفلسطينيين قسرا


شفقنا-ينبغي البحث عن جذور فكرة الهجرة القسرية المستمرة حتى يومنا هذا في فلسطين، في مرحلة تكوين الحركة الصهيونية منذ نهاية القرن التاسع عشر.

منذ قيام إسرائيل، تم استخدام أساليب مختلفة من قبل المنظرين الصهاينة ورجال الدولة الإسرائيليين للحفاظ على التفوق الديمغرافي لليهود والحد من عدد السكان الفلسطينيين من أجل التخلص من الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، زاعمين أنهم يهددون التفوق الديموغرافي لليهود ولقد فعلوا ذلك، وقد تم تنفيذ أفكارهم.

وتعتبر أهمية هذه القضية، خاصة في ظل ارتفاع معدل النمو السكاني الفلسطيني مقارنة بيهود الأراضي المحتلة من قبل الصهاينة، بمثابة رسالة أمنية خطيرة لحياة إسرائيل. ومن أجل مواجهة هذا الخطر وممارسة تفوقها، اعتمدت إسرائيل منذ قيامها سياسات مختلفة.

الأساليب العنصرية والاستعمارية

التهجير القسري للفلسطينيين في الدول المجاورة لفلسطين وطردهم من أراضيهم إلى مناطق أخرى، منع ومعارضة حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم لما يعتبرونه من تهديد لتفوق السكان اليهود في إسرائيل، واستيطان الصهاينة في المناطق المحتلة، وإرسال اليهود من جميع أنحاء العالم للعيش في بيوت الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والمستوطنات الصهيونية، وتنفيذ سياسة الهجرة الاستعمارية، وارتكاب المجازر الواسعة النطاق، وقتل الفلسطينيين، وتدمير المنازل والمزارع والقرى والمدن… وباختصار، فإن تطبيق الأساليب العنصرية والاستعمارية كان إحدى سياسات إسرائيل المعتادة خلال 75 عاما من احتلال الأرض الفلسطينية للتعامل مع التهديد الديمغرافي الفلسطيني. منذ البداية، ومن خلال إقامة نظام عنصري مفروض على الشعب الفلسطيني وعسكرة المجتمع الإسرائيلي، حددت إسرائيل سكان فلسطين العاديين ومناطقها المدنية كأهداف عسكرية مشروعة، وعلى هذا الأساس شهد الشعب الفلسطيني التهجير القسري والتطهير العرقي والتمييز القومي الذي تعرضوا له على يد الصهيونية الهمجية.

وينبغي البحث عن جذور فكرة الهجرة القسرية هذه، والتي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، في مرحلة تكوين الحركة الصهيونية منذ نهاية القرن التاسع عشر. ويقول تيودور هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية: “عندما نحتل هذه الأرض، فإننا ننقل مصالحنا ودخلنا إليها”.

“يجب أن ننتزع بهدوء الملكية الخاصة للشعب (الفلسطينيين) في الأرض المخططة لنا نحن اليهود، ونحاول نقل السكان الفقراء في هذه الأرض وطردهم من حدود هذه الأرض. من خلال خلق فرص عمل في الدول التي يتم نقلهم إليها. علاوة على ذلك، لن نسمح لهؤلاء الأشخاص بالحصول على أي فرص عمل في أرضنا. وسوف يساعدنا أصدقاؤنا أيضا في هذا الأمر…”

خطة طرد الفلسطينيين

في هذا الصدد، قام بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، بتنفيذ خطة طرد الفلسطينيين وإعادة توطينهم المعروفة باسم “خطة دالت/الخطة د” خلال حرب عام 1948. ومن خلال طرد السكان الأصليين، حولت هذه الخطة الشعب الفلسطيني إلى مجموعة من اللاجئين وتسببت في سيطرة الجماعات الصهيونية على المدن والقرى الفلسطينية وقتل الفلسطينيين بهدف خلق الرعب. 

وبهذه الطريقة، في عام 1948 وبعد إقرار مخطط تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947، وبعد المذبحة الهائلة التي تعرض لها الفلسطينيون، قُتل أكثر من سبعمائة وخمسين ألفا وتعرض الفلسطينيون للتهديد، وأُجبروا بقوة الأسلحة على ترك أراضيهم، ودُمرت مئات القرى الفلسطينية عمدا، وتم ترحيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى مصر والأردن وسوريا.

ولم تقتصر هذه السياسة على عام 1948. واستمرارا لسياسة ترحيل الفلسطينيين، تم تهجير 300 ألف فلسطيني خلال حرب 1967 وما بعدها، كما تم تهجير أكثر من 600 ألف شخص من الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. ومن بين خطط إسرائيل الأخرى بعد حرب 1967 هي تشجيع العرب الفلسطينيين على الهجرة إلى ليبيا وبعض دول أمريكا الجنوبية بهدف تقليل عدد سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي هذا الصدد، تم شراء الأراضي في ليبيا والباراغواي والبرازيل، وعلى سبيل المثال، أجبر آلاف الفلسطينيين الذين يعيشون في قطاع غزة على الهجرة إلى باراغواي عن طريق الرشوة والترهيب.

وكانت الأرجنتين إحدى الوجهات للهجرة الفلسطينية في الخمسينيات، لكن الجهود لم تنجح في ذلك الوقت. إن وجود العديد من الفلسطينيين في أمريكا الجنوبية هو نتيجة للهجرة القسرية للفلسطينيين في أوقات مختلفة. وكان الضغط على العراق وسوريا ومصر والجزائر والمغرب والأردن ودول عربية أخرى لقبول الفلسطينيين من الأراضي المحتلة واللاجئين الفلسطينيين أحد خطط إسرائيل السابقة خلال هذه الفترة.

استمرارا لسياساتها السكانية، قامت الحكومة الإسرائيلية بسن عدة قوانين لمنع عودة الفلسطينيين؛ القوانين التي تضفي الشرعية على التفوق العنصري اليهودي والإجراءات اللازمة للسيطرة على الفلسطينيين. ومن بين أمور أخرى، سعى قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية، وسلب الجنسية وحق العودة، إلى تغيير التركيبة الديموغرافية لفلسطين.

ومن أجل تهجير الفلسطينيين قسرا، استولى الصهاينة على أراضيهم وسيطروا عليها، بما في ذلك أراضي الأراضي المحتلة عام 1948. وبهذه الطريقة، بينما قبل إعلان تشكيل النظام الصهيوني، كان اليهود يملكون ما بين 5.5 إلى 8% من أرض فلسطين، وان الصندوق العرقي اليهودي (الذي أنشئ عام 1901 كأحد أدوات الاستعمار والاستيطان وجمع أموال اليهود لشراء الأراضي الفلسطينية وإقامة المستعمرات) وبعد تشكيل إسرائيل، استولى على 97٪ من الأراضي المحتلة في عام 1948.

قانون عودة اليهود إلى فلسطين 

بالتوازي مع الإجراءات المذكورة أعلاه، أدى إقرار قانون عودة اليهود إلى فلسطين ومنحهم الجنسية إلى خلق الأساس القانوني اللازم لنقلهم وإضفاء الشرعية على وجودهم في الأراضي المحتلة من أجل ضمان الحفاظ على الأغلبية اليهودية. وقد سمح هذا القانون لليهود -أينما كانوا في العالم -بالقدوم إلى الأراضي المحتلة عام 1948 دون أي شروط، ويؤكد على حق اليهود في الحصول على الجنسية الإسرائيلية. وبينما يفرض العديد من الشروط على الفلسطينيين 1948 الذين يعيشون في الأراضي المحتلة إذا ما أرادوا الحصول على الجنسية وأدى التمييز العنصري المتكرر، إلى ان يصبح الفلسطينيون داخل إسرائيل ضحايا للفصل العنصري الإسرائيلي.

وكان الهدف الرئيس من هذه الإجراءات هو ضمان طبيعة وهوية يهود إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتجاهل السكان الفلسطينيين في هذه المناطق. كما أكدت مفاوضات السلام ذلك من بعض النواحي، بحيث أنه بموجب اتفاق جنيف الذي وقعه ياسر عبد ربه ممثل الجانب الفلسطيني، ويوسي بيلين ممثل الجانب الصهيوني في 1/ 12/2003، أصبح عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم من المستحيل وجرى التأكيد على توطينهم الدائم في مكان إقامتهم.

وحتى يومنا هذا يستمر أقصى احتلال للأراضي الفلسطينية واستعمارها ونهبها، كما ان محاولة تقسيم المناطق الفلسطينية وتطبيق سياسة عدم التواصل فيما بينها، ومحاولة التقليل من وجود الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والمساعي لتكريس الهيمنة الإسرائيلية على كامل الأراضي الفلسطينية؛ لا تزال موجودة، وتواصل إسرائيل تنفيذ سياساتها التوسعية للقضاء على السكان الأصليين في فلسطين وتهويد كامل الأراضي المحتلة بهدف تشكيل إسرائيل الكبرى.

ولا يزال ترحيل وطرد الفلسطينيين، باعتباره السياسة الرئيسية لإسرائيل في عام 1948، مطبقا في الأراضي المحتلة. يمكن اليوم رؤية ملخص سياسة الاحتلال الإسرائيلية خطوة بخطوة على مدار 75 عاما في الأسابيع التسعة من العملية الإسرائيلية في غزة بعد عملية 7 أكتوبر 2023 التي قام بها المسلحون الفلسطينيون؛ من القتل والدمار والتهجير القسري للفلسطينيين من شمال غزة إلى الجنوب وأماكن أخرى وممارسة الضغوط لإقناع حكومتي مصر والأردن بقبولهم إلى تكرار الدعايات الكاذبة التي لا أساس لها من الصحة. وفقا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، واعتبارا من 11 ديسمبر 2023، تم تهجير ما يقرب من 1.9 مليون فلسطيني في غزة -أي ما يقرب من 85 بالمائة من السكان…

وبحسب المفوض العام للأونروا، فقد شهد العالم أكبر تهجير للفلسطينيين منذ عام 1948. وبعد عملية اقتحام الأقصى نفذت إسرائيل مجازر واسعة وتطهير عرقي للفلسطينيين وأعمال ترويع وفرض الجوع والعطش وقطع الكهرباء والإنترنت ومنع إرسال الوقود والمساعدات الإنسانية بحجة مواجهة حماس، وبالأساس بهدف رئيس وهو تهجير الفلسطينيين، اتخذ إجراءات من غزة ليتركوا أرضهم رغما عنهم بسبب المشاكل والضغوط المفروضة عليهم، ومع مرور الوقت يقال إن الفلسطينيين غادروا غزة طوعا!

وذلك على غرار ما قرأنا وسمعنا عن الخروج الطوعي للأجيال السابقة من الأراضي المحتلة عام 1948. ومازالت الحكاية مستمرة…

المصدر: صحيفة اطلاعات

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية

 



Source link

زر الذهاب إلى الأعلى