غير مصنف

كيف تعيش بشكل مريح… دروس من كتاب جامع السعادات 


شفقنا خاص-كتب حجة الإسلام مجتبى لطفي سلسلة مقالات بعنوان “كيف تعيش بشكل مريح؟” دروس من كتاب جامع السعادات لنراقي رحمه الله، جاء في جزء منها: 

تعتبر الكراهية والحقد من ثمار قوة الغضب التي تركز على العداوة والعداء الداخلي. وبما ان الإنسان الغاضب إذا لم يتمكن لأي سبب من الأسباب من إيصال غضبه إلى مرحلة الفعل، فإنه يضطر إلى نقل عداوته وعداؤه من الآخر إلى نفسه الداخلية، وهنا تُزرع بذرة الكراهية في قلبه، وسيختلط أحد أكبر أسباب دمار الذات مع البشر.

ان العداوة الداخلية، بالإضافة إلى الخسائر التي تلحقها بالشخص الذي يحمل ضغينة ويقضي دائما في حزن وكرب نفسي، ويقضي ليله ونهاره دائما بفكر الانتقام؛ لها آثارا اجتماعية ضارة، مثل: الغيرة والحسد والبعد والهجرة، واضطهاد الآخرين، والكذب، والغيبة، والبهتان، وإفشاء الأسرار، والقذف، والاستخفاف بالآخرين، وعدم أداء حقوق الناس وقطع الأرحام والصلات وغيرها من المعاصي التي تحمل آثارا مضرة نتيجة الحقد، ومفسدة للدين والدنيا.

وكما قيل فإن هذا إضافة إلى التعقيدات والمشاكل والمعاناة النفسية التي يتعرض لها الإنسان الحاقد. فالشخص ذو الضغينة، حتى لو لم يفعل أيا من المحرمات المذكورة لأي سبب من الأسباب، فإنه سيحمل الحزن دائما في قلبه وسيعيش دائما مع الحقد، ولا نتيجة لهذا الأمر إلا العيش في أزمة. كما أن الإنسان ذا الحقد ليس له قدرة على التقرب من الله، إذ كيف يمكن لقلب مملوء بالرذائل الجسدية المذكورة أن يكون مكانا لله. بالإضافة إلى أنه يبتعد أكثر فأكثر عن أهل الإيمان والمسلمين، فتقل زياراته، وعندما ينقطع الإنسان علاقته بأهل الإيمان، ينخفض ​​مستوى إيمانه ودينه مع مرور الوقت.

ولما كانت الكراهية هي العداوة المتركزة في النفس الباطنة، فإن كل الأخبار والروايات التي جاءت حول ذم عداوة الآخرين ستكون مشتملة أيضا على الكراهية والبغضاء. فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ ما كاد جبرئيل ع يأتيني إلا قال يا محمد اتق شحناء الرجال وعداوتهم.”[1] “[2]. وفي هذه الرواية احتمالان، أحدهما الذي هو شاهد لنا، أي لا تعادي غيرك، وفيه اثارة الحقد. والاحتمال الآخر هو: الحذر من عداوة الآخرين والاستهانة ببغضهم وعداوتهم. وقال النبي (ص) ما معناه: “بقدر ما أخذ مني جبريل عهدا على ألا أعادي الناس، لم يأخذ عهدا في غيره”. [٣] يقول الإمام الصادق عليه السلام عن آثار البغضاء والبغضاء: “مَن زَرع العَداوَة حَصَد ما بَذَر [4]. لأنه بزرع بذور الكراهية ستنمو وتحصد خطايا أخرى مثل الحسد والكبر والغيبة والبهتان والافتراء.

الإنسان لا ينبغي أن يعادي الشخص الفاسد، بل ينبغي أن يتعاطف مع حالته، ولماذا ضل -وليس أن تكون معارضته له مصحوبة بالعداء والخبث -وفي هذه الحالة، من الأفضل أن يحاول لإصلاحه والطرف الآخر، وعندما يلاحظ محبته وعطفه وإحسانه، كان لأعمال الإصلاح تأثير أكبر عليه.

علاج الضغينة والخبث

وعلاج هذه الرذيلة النفسية، كغيرها من الرذائل، يتبلور في التفكر في الخطوة؛ التفكر في أنه: بسبب الكراهية يصيب الإنسان عقوبتين:

  1. العقوبة الدنيوية وهي الألم الداخلي والروحي والأسى والحزن، ويفكر صاحبها دائما في العداوة والانتقام، ويتسبب تدريجيً في آثار اجتماعية سيئة. المهم أنه إذا كان الإنسان يحمل ضغينة تجاه شخص آخر، ففي أغلب الأحوال لا ضرر على الطرف الآخر، لأنه لا يعلم بالعداء الداخلي لصاحب الحقد ولا يخشى عداوته، وبالتالي يعيش في سلام، ومن يؤذي إنسانا فهو كالحطب الذي يأكل نفسه. فلماذا يفعل العاقل ما فيه ضرر على نفسه ونفع لعدوه؟!
  2. والعقوبة الأخرى هي أخروية، لأنه بناء على ردة الفعل التي تسببها العداوة الداخلية يؤدي إلى ذنوب أخرى كالغيبة والبهتان والحسد والكبر والظلم والفحش، التي يعاقب عليها في الآخرة.

وعلى هذا وبعد التفكر في الآثار الشخصية والاجتماعية للحقد، يتخذ المرء التدابير العملية ويحاول إقامة علاقة أفضل مع الشخص الذي يعتبره عدوا؛ والاستفسار عن حاله، والتعامل معه بوجه أكثر انفتاحا من ذي قبل، وغيرها من العلاقات الودية والمحبة التي تكون فعالة جدا في إزالة حقد القلب. وكذلك بذل محاولة لتلبية احتياجات الطرف الآخر واللطف معه والتعامل معه مثل التعامل مع الأصدقاء مما يجعل الإنسان يتصارع مع غروره ويتغلب على الشيطان لأن الكراهية هي الكراهية والحقد تجاه الآخرين وضده الإحسان إليهم، ورغم أن الأمر صعب جدا في البداية، ويصعب على الإنسان أن يُحسن إلى شخص اعتبره عدوا له لفترة، لكن مع العفو والإجراءات العملية وتقشف النفس يمكن الشفاء الروح مع مرور الوقت وترويض النفس في هذه المرحلة.

المصدر: شرح آية الله منتظري على جامع السعادات

[۱]. الكافي، ‌ ج ۲، ص ۳۰۱، ح ۹؛ بحار الانوار، ج ۷۰، ص ۴۰۷، ح ۹

[۲]. ان مفردة جبرئيل مكونة من “جبر” و”ئيل” وئيل يعنى الله والجبر يعني القوة، وجبرئيل يعني ملك قوة الله وهو واسطة الوحي.

[۳]. المصدر نفسه، ص ۳۰۲، ح ۱۱؛ المصدر نفسه، ‌ ص ۴۰۹، ح ۱۴

[۴]. المصدر نفسه، ح ۱۲؛ المصدر نفسه، ح 15.

النهاية



Source link

زر الذهاب إلى الأعلى