غير مصنف

التطرف المشؤوم مستمر في التفريخ في المنطقة


شفقنا-ان التطرف جزء من الواقع السياسي في الفكر السلفي. ورغم أن هذا التفكير يضرب بجذوره في التاريخ، لكن من الواضح أنه نتاج الظروف التي واجهها العالم في ثمانينيات القرن العشرين وبعد احتلال الجيش الأحمر التابع للاتحاد السوفييتي السابق لأفغانستان.

من قلب الفكر الذي تشكل في أفغانستان، انبثق فكران راديكاليان؛ فكر طالبان الذي يرتكز على سلفية شبه القارة الهندية، والمدرسة الديوبندية التي مثلتها حركة طالبان الأفغانية ذات الأهداف المحلية في أفغانستان وباكستان، وهي تيار متأثر بالراديكاليين الدوليين، متأثرين بالسلفية الوهابية الشرق أوسطية، التي كانت بقيادة أسامة بن لادن، وكانت تحمل أهدافا عالمية، تتجلى في إحياء الخلافة الإسلامية في العالم الإسلامي كله وخارجه. وأما ثالث أقوى حركة جهادية في العالم السني أسسها الأردني أبو مصعب الزرقاوي في العراق بعد احتلال الجيش الأمريكي لهذا البلد تحت عنوان جماعة التوحيد والجهاد.

 في عام 2004، أعلن الزرقاوي البيعة مع أسامة بن لادن. وغيّر اسم تنظيمه إلى تنظيم الجهاد في بلاد الرافدين. ولكن بعد مقتل عدد من قادة تنظيم الجهاد، جاء دور أبو بكر البغدادي للقيادة. وفي هذا الوقت استولى هذا التنظيم الجهادي على أراضٍ مهمة في العراق وسوريا وأعلن البغدادي الخلافة في جامع الموصل الكبير في العراق. وهي مسألة لم يقرها الدكتور أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، وتسببت في الانفصال الرسمي بين داعش والقاعدة.

أدى تشكيل التحالف الدولي ضد خلافة داعش أخيرا إلى هزيمته في خلافة الشرق الأوسط وانسحابه إلى أفغانستان وإعلان الخلافة الشرقية أو خلافة خراسان، لكن يبدو أن العرب يفقدون موقعهم القيادي منذ تلك الفترة على مستوى تقديم المساعدات، وتراجعت الموارد المالية والأسلحة في العالم العربي، ووقعت القيادة في أيدي قوات البشتون الأكثر قوة. وبقيت قيادة داعش في أيدي قبائل البشتون في مناطق القبائل الحرة الخاضعة لسيطرة باكستان، وتم استبدالها في حال اغتيال أي زعيم من البشتون.

مفاوضات داعش والقاعدة

ورغم أنه لم يتم نشر معلومات موثوقة للغاية تفيد بوجود مفاوضات بين قيادة داعش وتنظيم القاعدة لإعادة الدمج، إلا أن هذه الوحدة لم تجد شكلها النهائي حتى الآن.

لعل أحد الأسباب هو قرب تنظيم القاعدة من إمارة طالبان الإسلامية واستمرار التنافس على سلطة الخلافة بين داعش وطالبان والقاعدة. يدعي داعش إحياء الخلافة الإسلامية في خراسان من منظور عالمي ويعتبر قيادته خليفة لجميع المسلمين في العالم، في حين تعتبر قيادة طالبان نفسها أمير المؤمنين وواجب الإطاعة، وهو ما لا يرغب داعش في الخضوع له. 

وعلى هذا الأساس، وعلى الرغم من نفس التفكير الجهادي لتنظيم القاعدة وداعش وطالبان، فقد تباينت وجهات نظر هذه الجماعات الثلاث. وبطبيعة الحال، يظل تنظيم القاعدة مخلصا لتقليد البيعة لطالبان وهو قادر على ان يلعب دورا محدودا في دعم إمارة طالبان الأفغانية، خاصة بعد اغتيال الدكتور أيمن الظواهري في منزل زعيم شبكة حقاني، وتعرضت طالبان لضغوط أمريكية لتوضيح علاقاتها بالحركات المتطرفة؛ وهي قضية مازالت تثقل كاهل طالبان حتى اليوم.

اغتيال أيمن الظواهري

ويبدو أنه بعد اغتيال أيمن الظواهري، عادت قيادة تنظيم القاعدة إلى عائلة بن لادن، والقائد سيف العدل هو أحد أبناء أسامة بن لادن، والذي يقال إنه يعيش في دولة مجاورة لأفغانستان ولا يتمتع بحرية العمل التي يرغب فيها تنظيم القاعدة.

إن الواقع هو داعش في وضع أكثر ملاءمة من تنظيم القاعدة، ويتمتع باستقلال عملياتي أعلى نسبيا، وقد نجح في إعادة تنظيم المجموعات العرقية الآسيوية مع الحفاظ على هويتهم العرقية كمجموعة فرعية من خلافة داعش خراسان. وتمكن من التعويض عن هزيمة خلافته في الشرق الأوسط إلى حد ما، إذ يقال انه أعاد تنشيط المجموعات العرقية الشيشانية والأوزبكية والطاجيكية والأويغورية والأفغانية والباكستانية. لكن على مستوى تنظيم القاعدة، الذي تمكن من الحفاظ على علاقات ودية مع حركة طالبان الأفغانية، لم ينجح تنظيم داعش في الحفاظ على العلاقات مع حركة طالبان الأفغانية.

الخلافة الخراسانية لداعش 

والسبب هو أن إمارة طالبان هي في نظر داعش جزء من الخلافة الخراسانية لداعش، وذلك لأن الطالبان يعتبرون زعيمهم أمير المؤمنين، ولا يوافقون على تسليم قوتهم وان يصبحوا مجموعة فرعية من داعش. وحتى حركة طالبان الأفغانية تقف في وجه زحف داعش على جغرافيا الشرق في إقليمي خوست ونانغرهار، اللذين كانا لبعض قبائلهما تجربة خلافة محدودة بين القبائل الداعمة لها قبل تأسيس تنظيم القاعدة، وهم غير مستعدين لوضع جغرافيا خارج سلطة الإمارة تحت سيطرة داعش. وفي هذا الصدد، رفع تنظيم داعش وطالبان صراعاتهما إلى مستوى الحرب المسلحة.

لكن الواقع أن تنظيم داعش وجد فرصة لترسيخ وجوده في منطقة بدخشان وعلى طول حدود أفغانستان مع آسيا الوسطى والوصول إلى وادي فرغانة، حيث تتصارع الدول الثلاث أوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان على حكمه. ملكيته واستغلال الفراغ الموجود لتثبيت موقفه.

ومن الحقائق المهمة الأخرى المرتبطة بتنظيم داعش هي المساحة الواسعة التي تطالب بها خلافة خراسان، والتي تشمل منطقة جنوب القوقاز التابعة لروسيا وآسيا الوسطى، وفي استمرارها مقاطعة شينجيانغ الصينية، وكل أفغانستان في شرق إيران إلى باكستان، ومسلمي الهند وبنغلاديش وماليزيا وإندونيسيا وفي شرق آسيا تضم مسلمي الفلبين وتايلاند وأقليات مسلمة أخرى في منطقة آسيان. وقد أنشأ داعش تنظيما محليا لكل دولة من هذه الدول، ولكن يبدو أن هناك ثلاثة مجالات أكثر أهمية في أولوياته.

ألف-المنطقة الأمنية الروسية في القوقاز وآسيا الوسطى. وتشمل المنظمات العرقية التالية:

1-جبهة التحرير الشيشانية لجنوب القوقاز

2-حركة أوزبكستان الإسلامية 

3-حركة الأنصار الإسلامية في طاجيكستان

ب-حركة استقلال تركستان الشرقية الإسلامية المطالبة باستقلال إقليم شينجيانغ عن الصين.

ت-حركة تحريك طالبان الباكستانية التي تهدف إلى تحويل باكستان إلى إمارة إسلامية.

وبهذه الطريقة المتطرفة في التفكير، تحدد داعش خراسان نفسها. رغم أن داعش، في نظر الروس، جزء من اللعبة التنافسية للقوى العالمية الغربية للضغط على روسيا والصين والحلفاء الإقليميين، ويقال إن نقل داعش إلى أفغانستان كان مشروعا أمريكيا لخلق المشاكل الأمنية لروسيا والصين وإيران؛ وهو ادعاء ليس عار من الصحة. نظرا إلى الاحداث التي تشهدها المنطقة وآخرها أحداث مدينة كرمان الإيرانية.

المصدر: صحيفة اعتماد

————————

المقالات والتقارير المنقولة تعبر عن وجهة نظر مصادرها ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع

————————–

النهاية



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى