غير مصنف

العقل نعمة لاتضاهيها نِعمة في العظمة


بيروت ـ إکنا: إن العقل نعمة لا تضاهيها نِعمة في العظمة والسُّمُوِّ، ويكفي في الدلالة على عظمته أننا جميعاً ندَّعيه، وأننا جميعاً نُبعِدُ عن أنفسنا صِفة الجهل، ولا نقبل من أحد أن يرمينا بها، إذ نعتبر ذلك إهانة لنا.

العقل نعمة لاتضاهيها نِعمة في العظمةورُوِيَ عن الإمام علِيّ (ع) أنه قال: “عِنْدَ بَديهَةِ الْمَقالِ تُخْتَبَرُ عُقُولُ الرِّجالِ”.

 

قد لا نجد أحداً لا يدعي أو يعتقد في نفسه أنه عاقل، فمعظم الناس إن لم يكونوا جميعاً يدَّعون ذلك، وكثير منهم يعتقد أنه أعقل الناس وأكثرهم فَهماً وذكاءً، فالعقل نعمة لا تضاهيها نِعمة في العظمة والسُّمُوِّ، ويكفي في الدلالة على عظمته أننا جميعاً ندَّعيه، وأننا جميعاً نُبعِدُ عن أنفسنا صِفة الجهل، ولا نقبل من أحد أن يرمينا بها، إذ نعتبر ذلك إهانة لنا.
لكن السؤال المهم كيف نعرف إن أننا عُقلاء؟
لقد ذكرت الروايات الشريفة المعايير التالية التي تكشف لنا أننا عقلاء:
فإذا كُنَّا موحِّدين لله، مقبلين عليه، قائمين بأمرين، مؤدين لتكاليفه، عابدين له، وكانت سيرتنا حُسَنَة، وسلوكياتنا إيجابية، ونزَّهنا أنفسنا عن المُنكر، والفواحش، واجتنبا الآثام والذنوب والمعاصي، نتروّى قبل أي فعل، أو حكم، وقبل أن نقبل أمراً أو نرفضه، ونحذر من الوقوع في الخطأ، ونقول ما نعرف، ونُمسِكُ عمّا لا نعرف، ونعمل بما نقول، ونفكر في عواقب ما نقول وما نفعل قبل القول وقبل الفعل، ونكبح جماح غرائزنا، ونخالف أهواءنا إذا كانت تهوى أمراً لا يقبله العقل وينهى الله عنه، ونَعقِل ألستنا إلا عن القول الحق وما فيه نفع لنا وللناس، ولا نتكلم إلا بحاجتنا وحُجَّتنا.

ونقتصد في جميع أمورنا ولا نُسرف، ونَعِدُ فلا نُخلف، ونَحلُم عند الغضب، ونداري الناس، ونخاطبهم على قدر ما يفهمون ويَعْقِلون، ونتجنَّب الحديث بما يُنكرون، ونتَّعِظُ بالتجارب ونستفيد منها، ونستغِل فُرَصَ الخير، ونَتَّهِم آراءنا، ونستنصح الناصحين، ونعتمد على أعمالنا لا على أمانينا وآمالنا، ونحترم الناس، ونتواضع لهم، ونقدِّرُ جهودهم، ونُنزِلَهم منازلهم، ولا نستَخِفُّ بأحد منهم، ونعترف بالحق قبل أن يُشهَدَ علينا، ونصادِق العقلاء، ونتجنب مصادقة الجُهلاء، ونُسَلِّم للقضاء، فنحن عُقلاء.

 

إن واحداً مِمّا يختبر به عقل المرء الكلام، لأنه يُظهر مكنونه، كما جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع)، فقد رُوِيَ عنه أنه قال: “يُنبِئُ عَن عَقلِ كُلِّ امرِىً ما يَنطِقُ بِهِ لِسانُهُ” وقال: “كَلامُ الرَّجُلِ ميزانُ عَقلِهِ” فإذا كان يقول حقاً وصدقاً وينطق بالحكمة، والموعظة الحسَنَة، وما فيه نفع للناس، وما لا تُنكِره العقول، ويتجنَّب الفُحشَ والهذر واللغو والثرثرة دَلَّ ذلك على كونه عاقلاً. وإذا كان يقول خلاف ذلك دَلَّ على جهله. 

 

وفي جوهرته الكريمة التي تصدَّرت هذه المقالة يطرح الإمام (ع) معياراً آخر يُختَبَر به عقل المَرء وهو سُرعة بديهته، والبديهة: مَلَكَةٌ تقود صاحبها على سرعة الفهم، والإدراك، والجواب السديد من غير إِعْمال فِكر، ولا قصد، ولا نظر. 

 

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي

 

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي:



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى